كتاب الطلاق: هذه رسالة‌، في انفراد مسئلة الطلاق بعوض، عن الخلع. (7)

و الحاصل: ان الكلام في الطلاق بعوض بقول مطلق، كالماخوذ بعوض في ابواب[1] العقود و المعاوضات و غيرها. اَلا تري انهم قسّموا البيع علي اقسام شتّي باعتبارات شتّي؛ كالحالّ، و النسيئة، و السلف، و المساومة، و المرابحة، و المعاوضة، و التولية، و غير ذلك. و لم يذكروا من جملة اقسامها البيع الذي هو في عوض الهبة، و البيع الذي صار لازماً بسبب اشتراط في ضمن عقد لازم، و امثال ذلك. فالمراد هنا من الطلاق بعوض الذي يذكر في مقابل الخلع، ساير افراد الطلاق اذا وقع في مقابل عوض. و مصححه اما كونه مندرجاً تحت عموم العقود المستقل، او كونه من احد افراد العقود المعهودة و ان كان الطلاق جزءً لذلك العقد، او شرطاً له. و الي هذا يشير ما ذكره في المسالك من ان ذكر احكامه في كتاب الخلع لاجل مناسبته به. لا لانه هو خلع. و ينبّه كلام[ـه] ذلك،‌ علي عدم مناسبته للذكر في كتاب الطلاق المجرد. و سيجيئ تمام الكلام.

و قد يعرض عليه: بانه لا يخفي ان مَن اوجب ضم الطلاق مع الخلع و المباراة، حكم بالاكتفاء به مع العوض، و عدّه منهما مطلقا، و اجري عليه احكامهما بأسرها. و لم تجر له عادة بالبحث عن قسم اخر. و مَن لم يوجب الضّم، جعل لهما صيغتين؛ احديهما مشتملة علي لفظهما و الاخري مشتملة علي لفظ الطلاق. و جعل احكامهما واحدة، الاّ نادراً. ثم ان هؤلاء اختلفوا في كون الصيغة الاولي طلاقاً او فسخاً. و الحاصل: ان العادة المشار اليها لم نجد لها اثراً [ا]صلا، الاّ في كلامه.

اقول: مراد الشهيد الثاني(ره)؛ انه كما ان الفرقة الحاصلة بين الزوجين، اما ان تكون بالفسخ او الطلاق. فالفرقة الخاصه التي تكون بعنوان العوض، اما ان تكون بلفظ الخلع و المباراة (اي تكون بمهيته [التي] وضعت للدلالة عليها لفظ الخلع و المباراة). او تكون[2] بمهيته [التي] وضعت له لفظ «الطلاق بكذا» كالنذر و العهد الّذين[3] وضع لاحدهما لفظ «لله عليّ كذا». و للاخر «عا هدت الله بكذا» و نحوه. و كما ان مهية النذر و العهد مختلفان في الاحكام و ان اتّحدا في معني «ايجاب شيئ علي النفس لله تعالي»، فكذلك الخلع و الطلاق بعوض. و في كثير من عبارات الاصحاب تصريح بمغايرتهما مفهوماً و صيغة. و قد مرّ كثير منها و سيجيئ كثير، بل كل من صرح بالاتحاد ايضا مراده اتحادهما في الحكم في الاكثر. و قد صرح الشيخ في «النهاية» بان الخلع ليس بطلاق حقيقة، بل هو مما يلحق به، كالفسخ و اللّعان و غيرهما.

و اما قوله: و لكن جرت العادة بالبحث منها في كتاب الخلع (يعني و ان كان الطلاق بعوض، ليس بخلع في كتاب الخلع) و من جملة تلك العادة انهم ذكروا انه يجزي عن الخلع- كما مرّ عن الشهيد في اللمعة و غيره، بل هو مقتضي كلام الاكثرين- فيستعمل لفظ الطلاق بعوض في الخلع لمناسبةٍ و علاقةٍ بينهما و هو كون مهيتهما مشتملة علي معني الابانة بعوض و ان خالفه في بعض الاحكام،‌ مثل انه طلاق محض بخلاف الخلع. و يتفرع عليه انه يتم به الطلقات الثلاث،‌ ام لا. و يزيد علي احكام الطلاق، اعتبار العوض. و يلحقه احكام اُخر من اصل ذلك الاعتبار، مثل انه يفيد البينونة بسبب لزوم عقد المعاوضة، [و] حرمة الرجوع من الزوج فيما يقبل الرجوع، ان لم نقل ببطلانه. فان ذلك حكم زايد علي احكام نفس الطلاق.

 

اذا عرفت هذا، فقول المعترض «لم يجر[4] له عادة بالبحث عن قسم اخر»، فيه: ان هذا الكلام اعني كفاية الطلاق عن الخلع و المباراة و جريان حكمهما بعينه، بحث عن مهية الطلاق بعوض. و اللفظ دالّ عليه. فانّ من احكامه، اِجزائه عن صيغة الخلع و المباراة. و لا يمكن القول بكون حمل الطلاق بعوض علي الخلع، او بالعكس، من باب حمل المترادفين. كما ينادي به اختلافهم في كون الخلع فسخا او طلاقا. و اذا اعتبر في الطلاق بعوض، عموم حتي يصير من باب حمل المتعارفي، فيفيد ذلك ثبوت قسم اخر للطلاق بعوض. و مجرد المغايرة بين افراد العام، بعينه بحث عن وجود فرد اخر للطلاق بعوض، غير الخلع.

 

و اما قوله: «و من لم يوجب الضّم جعل لهما صيغتين.. الخ»؛ ففيه: انه ان اراد من الصيغة، ما صيغ لاجل الدلالة عليه بالوضع الشخصي، فيمتنع كون لفظ الطلاق بعوض، صيغة لهما. و ان اراد[5] اعم من ذلك و مما يفيده بقرنية المقام من باب استعمال الكلّي في الفرد، فهو مستلزم لاثبات امر كلي يكون اعم منهما. فاذا قلنا: انا اذا اجرينا صيغة مختصة بالكلي من حيث انه كلي، في فرد من حيث وجوده في ضمنه، فهو في حكم ما لو اجري في حكم ذلك الفرد صيغته[6] المختصة، فهذا لا يفيد الاتحاد في المفهوم. بل انما يفيد الاتحاد في الحكم. فحينئذ البحث عن ان لفظ الطلاق بعوض، اذا استعمل في الخلع و المباراة و لم يكن هناك كراهة، فلا يثبت به التملك و يرجع الي الرجعي. فهو بحث عن الطلاق بعوض، عن وجه. و ان كان بحثا عن الخلع من وجه اخر.

قوله: «ثمّ ان هؤلاء اختلفوا.. الخ»، هذا الاختلاف ايضا يكشف عن المغايرة. لان احدا لم يحتمل في الطلاق بعوض، كونه فسخاً. فهذا ايضا من احكام الطلاق بعوض الذي ذكروها في هذا المقام انه لا يحتمل كونه فسخا ابدا.

قوله: «و الحاصل ان العادة المشار اليها.. الخ»؛ اقول: قد عرفت جملة من البحث فيه و في كلام الفاضلَين، و اشارة في مواضع كثيرة الي ذلك. و يستفاد من كثير من كلماتهم مغايرة الخلع للطلاق بعوض بالمفهوم. و انّ ما قد ينوب لفظ الطلاق بعوض، عن الخلع و يفيد مؤدّاه. فهو من باب الاسقاط و التجوّز. لا انه هو. و لو لم يكن اجماع علي ذلك (كما يظهر من بعضهم) لم نقل بكفايته عنه. لان الاصل عدمه.

فمن المواضع المذكورة؛ ما ذكره في الشرايع في المسئلة الخامسة في النظر الرابع. قال: «لو خالعها وشرط الرجعة، لم يصح. و كذا لو طلّق بعوض»[7]. فان ظاهر هذه العبارة، مخالفة المفهومين. و وجهه ان كليهما، فيما يوجب البينونة. و هذا شرط مخالف لمقتضي العقد و للمشروع[8]. و قد صرح في اول كتاب الخلع ايضا بان الطلاق مع الفدية يقع بائنا و ان افرد عن لفظ الخلع المقصودة. [فـ]ثمّة [في مقام] بيان محض البينونة للطلاق مع الفدية. سواء كان بالطلاق المعوض المقرون بلفظ الخلع، او الخالي عنه، و سواء كان مع كراهة الزوجة المجزي عن لفظ الخلع، او بدونها الذي هو عقد مستقل.

و يشهد بارادة الاعم (مضافا الي اطلاق اللفظ) انه ذكر في اول الكتاب؛ ان الصيغة الموضوعة لافادة مفهوم الخلع و ايقاعه، انما هو مثل «خلعت» و «خالعت». لا مثل «فاسختك» و «قايلتك» و «ابنتك». و هذا بخلاف بيان الضرورة[9] الي لفظ الخلع في الجملة مع قطع النظر من اعتبار الضميمة و عدمه. ثم ذكر الخلاف في انه هل يكفي لفظ الخلع فقط، او يلزم ان يتبع بالطلاق. و مراده هنا ان الفراق هل يحصل بلفظ «خلعت»؟ او لا حتي يقول بعده فهي او انت طالق-؟ فعلي القول بالاشتراط، يكون لفظ خلعت مجردا عن الطلاق، لغواً. و علي[10] القول بعدم الاشتراط، فيحصل به الفراق. و لكن اختلفوا في انه هل هو فسخ و مفارقة‌ بائنة لا يترتب عليه احكام الطلاق و شرائطه و من جملتها عَدّه من الطلقات الثلاثة المحتاجة الي المحلل، او انه طلاق؟-؟ فالاكثر علي انه طلاق، للنصوص المعتبرة. و قيل انه فسخ، لعدم وقوع الطلاق بالكنايات.

فانقدح من كلامه هنا، بيان ان الخلع هل يتم بدون ضمّ لفظ الطلاق اليه ام لا، و مع تمامه بدونه،‌ فهل هو طلاق او فسخ. و حاصل مختاره، كفاية الخلع المنضم[11] الي الطلاق و المنفرد عن الطلاق. مع اختيار كونه طلاقا حينئذ.

و بقي الكلام في كفاية اداء الخلع بلفظ الطلاق بعوض، مجرداً عن الخلع. فانه لا ريب انه فرق بيّن بين الطلاق المنضم بالخلع مع افادته المعاوضة، و بين الطلاق بعوض المنفرد عن لفظ الخلع. و لم يظهر مما تقدم، الحكم بكونه من افراد الخلع، فان ما اَفاده سياق الكلام انحصار الخلع في مثل «خلعتك علي كذا» مجرداً، او منضماً الي قوله بأنت او هي طالق.

 

و بقي الكلام في انه لو قال «انت طالق علي كذا» هل يكفي عن الخلع ام لا؟-؟ و هذا ايضا يتصور علي وجهين:

احدهما: انه من صيغ الخلع. و ظنّي انه لم يقل به احد و ان اَوهمه كلام الشيخ في المبسوط.

 و الثاني: انه يفيد فائدة الخلع. و هو الصحيح الذي لابد ان ينزل عليه كلام الشيخ و الجماعة. بل ادعي عليه الاجماع. و لو لم يكن دعوي الاجماع علي كفايته عن لفظ الخلع و افادته فائدته، لما قلنا بجوازه. لعدم التوظيف. و الي ذلك اشار المحقق في اخر كلامه «و يقع الطلاق مع الفدية بائناً و ان انفرد عن لفظ الخلع»[12]. فمن تامل في كلامه(ره) يفهم انه ساق الكلام من اول البحث الي هنا في بيان حقيقة الخلع و صغته الموضوعة له. و لم يكن في كلامه هنا من حكاية الطلاق بعوض المنفرد عن الخلع، عين و لا اثر. و هنا في صدد بيان حكم الطلاق بعوض، الذي هو مغاير للخلع بالهبة، و انّ مجرد اعتبار العوض يجعل الطلاق بائنا.

و اما انه لو اوقعه في موضع يمكن جريان الخلع فيه بان يختص الكراهة بالمرئة، فيفيد فائدة الخلع. و من جملة فوائده البينونة مع جواز الرجوع اذا رجعت بالبذل (فهو انما يحتاج الي دليل خارجي و لعله الاجماع). فجمع المحقق في هذا المبحث اقسام الفراق المشتملة علي العوض، سواء كان خلعا، او فسخاً، او [الـ]طلاق بعوض، مجرد[ا] عن الخلع و المباراة. و الشيهد الثاني(ره) عمّم المقام و فسّر هذه العبارة بانه «اذا وقع الطلاق مع الفدية سواء كان بلفظ الخلع و قلنا انه طلاق،‌ او اتبع به، او بلفظ الطلاق و جعله بعوض. فانه يقع بائنا لا رجعيا. للنصوص الدالة عليه و قد تقدم بعضها. و وجهه وراء النص انه معاوضة محضة من الجانبين، او شبيه[13] بها كالبيع و النكاح. و من ثمّ اشترط وروده علي عوض النكاح، او عوض جديد. و اشترط فيه قبوله[14] باللفظ من غير فصل، و [اشترط] تطابق اللفظين. فلو قالت «خالعني بخمسين» فطلّقها بمأة، لم يصح. كما لو باعه بمأة فقبل[15] بخمسين. و الاصل في العقود و المعاوضات، اللزوم. لعموم الاية و قوله(ع): «المؤمنون عند شروطهم» و يستثني من ذلك اذا رجعت في البذل، فانه ينقلب رجعيا. و سيأتي البحث فيه»[16] انتهي كلامه(ره) و له وجه وجيه.

 

ثم فرّع المحقق علي هذه المقامات فروع[17] ثلاثة: اولها «لو طلبت منه طلاقا بعوض، فخلعها مجرداً عن لفظ الطلاق، لم يقع علي القولين. و لو طلبت خلعا بعوض، فطلّق به، لم يلزم البذل علي القول بوقوع الخلع بمجرده فسخا و يقع الطلاق رجعيا. [و] يلزم علي القول بانه طلاق او يفتقر الي الطلاق»[18]. و مراده(ره) من القولين، القول بان الخلع المجرد، فسخ او طلاق. فان الطلاق يقع به البينونة اجماعا و يكون جزءً من المحرم. بخلاف الخلع، لما عرفت فيه من الخلاف؛ فان قلنا انه فسخ، فكونه خلاف ما طلبت، ظاهر. و ان قلنا انه طلاق، فكذلك ايضا لان الخلع مختلف فيه و ما طلبت لا خلاف فيه.

 

و اما في صورة العكس: فعدم لزومه علي القول بكون الخلع المجرد فسخا،‌ فلانه لم يأت بما طلبت. و يقع رجعيا حينئذ، فانه غير مشروط بالعوض و لا بالتماسها و رضاها. و فيه تأمل. و اما اللزوم علي القول الاخر؛ فلاتيانه بما التمسته و زيادة، حيث اتي بالمجمع عليه و ترك المختلف فيه. و فيه نظر، لعدم كفاية احد نوعي الطلاق عن الاخر. و كون الطلاق اعم منه، لا يكفي في تحصيل الخلع في ضمن ما حصله من الطلاق بعوض، المشخص في الخارج. و هذا الاشكال في صورة الافتقار الي ضم الطلاق، اظهر. اذ لعل لضم الخلع مدخلية في التماسه.

و اما ما استشهدنا بهذا التفريع؛ فيظهر من مقابلة الخلع، بالطلاق بعوض. سيما في صورة العكس. فان ظاهر قولنا ان الخلع طلاق او مفتقر اليه؛ ان الطلاق المحمول هو الطلاق بالعوض (كما لا يخفي) لا مطلق الطلاق حتي يمكن صدق الرجعي. و الحمل ليس بحمل ذاتي. بل متعارفي. و لازمه ان يكون للطلاق بعوض فرد اخر غير الخلع.

 

فهذا يدل علي انه اعم من الخلع، لا انه هو (كما لا يخفي) بل نقول: ان كل من قال ان الخلع المجرد من لفظ الطلاق، طلاق لا فسخ (و هم الاكثرون)‌يلزمهم القول باعميّة الطلاق بعوض عن الخلع. اذ مقتضي قولهم انه طلاق، اتحاده في الوجود مع الطلاق. كما في ‌قولنا «الانسان حيوان». لا كونهما[19] موجوداً واحداً كما هو مقتضي الحمل الذاتي، مثل «هذا زيد» بعد وصف زيد بالخارج للمخاطب.

و لا ريب حينئذ في ان الطلاق المحمول الذي هو في مقابل الفسخ، اعم من الخلع، لتحققه في الرجعي و غيره لما لم ينفك الخلع عن العوض. فيلزم ان يكون الطلاق المحمول عليه ايضا طلاقا مقروناً بالعوض، و ان لم يكن العوض من مقوّماته و لوازمه. كما في الهبة المشروطة فيها العوض، من افراد الهبة المطلقة المعرّفة‌ بانها «تمليك عين مجرداً عن العوض و القربة». و كانهم قالوا «الخلع طلاق مقرون بعوض»، و لازم هذا تحقق مفهوم الطلاق المفروض بالعوض، اعم من الخلع مطلقا. و ذلك لانهم ليسوا في مقام بيان ان الطلاق المقرون بالعوض، خلع. بل مرادهم بيان ان الخلع طلاق يترتب عليه احكامه، لا فسخ. لا ان الطلاق المقرون بالعوض، خلع من باب الحمل الذاتي، [و] لا من باب الحمل المتعارفي بان يتحقق للخلع فرد اخر غير الطلاق. فانهم لا يقولون به جزما. بل يقولون ان كل خلع طلاق سواء تجرد عنه او قارن به. و اما ان لفظ «انت طالق بكذا» من اقسام الخلع (كما ذكروه) فمعناه انه يفيد فائدة الخلع، لا انه هو. و لولا مظنة الاجماع و نقله، لما قلنا بكفايته عن الخلع، فضلاً عن كونه هو.

فاتضح بما ذكرنا (غاية الوضوح) فساد ما ذكره في شرح النافع من ان الطلاق بعوض، هو الخلع او من اقسامه. و نسبه الي المتقدمين و المتاخرين. اذ قد عرفت ان الاكثرين قالوا في الخلع المجرد انه طلاق لا فسخ. يعني قسم من الطلاق. و يلزمه بطريق الاولي كون المقرون بالطلاق منه، طلاقا. فالذي تعاطوا لذكره في حكاية كونه طلاقا ام لا، او مع اقترانه بالطلاق ايضا؟؟؟ علي احتمال: اِما كون لفظ «انت طالق علي كذا» مجرداً عن لفظ الخلع، هل هو خلع ام لا. فليس في هذا المقام منه عين و لا اثر. بل هو مسئلة اخري ذكروها في كفاية هذا اللفظ عن الخلع (مع اجتماع ساير الشرائط من الكراهة مختصة بها و غيرها) ام لا. و هذا هو الذي ذكروه ما بعد قولهم «اذا خالعها و الاخلاق ملتئمة.. الخ». و قد اشرنا سابقا اليه يعني لو قصد ايقاع الخلع الذي تحققه مشروط[20] بالكراهة، بلفظ الطلاق. فهو[21] كما لو اوقعها بلفظ الخلع (في عدم الوقوع مع تلائم الاخلاق و لا يملك الفدية). و لكن هناك فرق اخر و هو انه يقع الطلاق رجعيا في الاول دون الاخر. لا انه يمكن تملك الفدية بالطلاق بعوض، مطلقا. و قد اشرنا سابقا الي غفلة الشهيد الثاني(ره) عن ذلك.

و بالجملة: ما ذكره السيد محمد(ره) في شرح النافع (بعد ما نقل كلام فخرالمحققين المتقدم ذكره حيث قال ردّاً عليه): «انّ الطلاق بعوض من اقسام الخلع، كما صرح به المتقدمون و المتاخرون من الاصحاب، فلا يرد نقضا عليه»[22]، لا يرجع الي محصل. كما عرفت وستعرف[23].

 

و ما قد يوجّه كلامه؛ بان غرضه انه اذا كان الطلاق بعوض، من اقسام الخلع و لا يصح الا بشرائطه، و يقع الخلع به مجرداً، و بغيره. فايّ داع الي تكلّف اخراجه عن هذا الخلع، و تقييد كلام العلاّمة و تطبيقه علي حد نفسه؟؟ و لا سيما مع تردد العلاّمة في القواعد [في] الاكتفاء بمجرد الخلع. و حيث كان هذا نزاعاً لفظيا، فالامر فيه سهل. فلا يبقي اِبتناء الاحكام و الفتاوي علي ذلك. كما هو ظاهر.

اقول: قد عرفت سابقا منع كون الطلاق بعوض، نفس الخلع. و نزيدك هيهنا بان لفظ الطلاق بعوض، يتصور له «معني اضافي» و «معني علمي». فان اعتبرنا معناه الاضافي؛ فلاريب انه معني كلي، لكون كل من المضاف و المضاف اليه كلياً، و لكل منهما معني حقيقي كلي، فالطلاق معناه ازالة قيد النكاح بلفظ «طالق». و بعوض، معناه كون ذلك في مقابل شيئ اخر. و لا ريب ان هذا المعني [مـ]باين للخلع، او اعم منه مطلقاً. فكيف[24] يكون اخص من الخلع حتي يصير قسما من اقسامه.

 

و ان قلت: للطلاق بعوض بالمعني الاضافي، معني كلي لا فرد له. كشريك البارئ. و لكنه استعمل مجازا في الخلع بناءً علي عدم استلزام المجاز الحقيقة.

 

[قلت:] هو قول بالنقل عن معناه الاضافي عرفا و لغة. و الاصل عدمه. و مع هذا فيصير احتراز هؤلاء الفحول عنه في تعريف الخلع، لغواً[25]. اذ هو احتراز عما لا وجود له. و لا ثمرة فيه. و تبرئة ساحة هؤلاء الفحول عن مثل ذلك لازم.

 

و ان اعتبرنا المعني العلمي؛ بان نقول: لفظ الطلاق بعوض، انما وضع للخلع. فهو من اقسام الخلع، بمعني انه من الالفاظ الموضوعة له المرادفة للفظ الخلع. فمع ان الاصل عدمه، لا معني للاحتراز عن المرادف. و هو كما لو وضع عمرو زيداً لابنه و كنّاه بابي عبدالله. و يقال زيد هو الولد الذي ولد لعمرو و سمّاه بزيد محترزاً بقيد تسميته بزيد عن ابي عبدالله. فهو في معني ان لفظ زيد غير لفظ ابي عبدالله. و هو (مع ما قدّمناه سابقا من ان الحدود انما هو للمهيات و الاحتراز في قيودها ايضا انما يكون عن المهيات) لا يليق مثل هؤلاء الاعاظم؛ ممن نقلنا عنهم و ممن سننقل عنهم من الخاصة و العامة. فكيف يُجتري بحمل كلام مثلهم علي مثله و يقال هذا نزاع لفظي.

الموضع الثاني:[26] انه[27] قال (بعد العبارة التي نقلنا عنه في شرح قول المحقق: «و يقع الطلاق مع الفدية بائنا و ان انفرد[28] عن لفظ الخلع»[29].) و اعلم: انه مع اشتراك الخلع و الطلاق بعوض، في هذا الحكم، يفترقان بان الخلع يختص بحال كراهة الزوجة خاصة (كما انفردت المباراة بكون الكراهة منهما و اشتراط كون العوض بقدر ما وصل اليها منه) بخلاف الطلاق بالعوض فانه لا يشترط فيه شيئ من ذلك. فكان التعبير به مع افادته المقصود من الخلع اولي، خصوصا مع اشتباه حالهما في الكراهة و اختلافهما فيها[30]. [انتهي.]

 

و قد يعترض عليه بانه اذا كان كذلك يعني كون الطلاق بعوض، مغايراً للخلع، فما بال الاصحاب لم يتعرضوا لاحكام هذا العوض و هذه الفدية، و الطلاق الواقع بها؟ فلو كان ما ذكره من عادة الاصحاب (كما قاله في اول الكتاب) لكان يجب عليهم بيان ذلك كما هو ظاهر.

 

اقول: ليس هذا طلاقا خاصا و لا نوعا من انواع الطلاق حتي يذكر خواصه. بل هو عقد وارد علي الطلاق باقسامه. و المعيار في العوض هنا هو التراضي، لا غير. كساير العقود. و ما اقتضاه عادتهم هذا، هو بيان ان اللفظ الدال علي هذا القصد (من حيث هو هذا العقد) يكفي في الخلع. و مراد الشهيد الثاني ان هذا العقد لا يشترط فيه الكراهة و ان كان قد يتحقق في ضمن ما يشترط فيه الكراهة. فاذا كان المعيار في عوض هذا العقد، هو التراضي، فلا حاجة للاصحاب الي التعرض لحال بيان العوض و قدره.

و قد يناقض علي ما ذكره(ره) من مغايرة الخلع للطلاق بعوض، بانه(ره) قال (تبعاً للمحقق و غيره فيما اذا طلبت منه خلعاً بعوض، فطلّق به) انه «ان جعلنا الخلع طلاقا او مفتقراً الي الطلاق فاتبعه به، لزم البذل. لاتيانه بما التمسته و زيادة. و هذا يعني الحكم بلزوم البذل».

[و هذا] لا يستقيم علي تقدير المغايرة. بل انما يستقيم اذا جعل الخلع قسمين و جعل الطلاق بعوض، قسما منه بحيث لا يصح الاّ بشرائط[ـه]. كما هو المعروف. فيكون المرئة قد طلبت المهية الحاصلة بالطلاق بعوض منفرداً [ا]و به مع الضميمة. و اختار الزوج، الاول. و اما اذا جعل الطلاق بعوض، قسما مستقلا بنفسه (و ان اجتمع مع الكراهة لا علي سبيل الاشتراط) فلا يلزم اداء الملتمس و ان فرض اتحاد الفائدة في القسمين.

ثم: قوله: «و اتبعه به زيادة منه»، لم يذكره المحقق و العلاّمة، و يجب تركها. لان موضع المسئلة انما [اذا] طلبت منه خلعا بعوض فطلّق به. اي اتي بطلاق منفرد عن الخلع. كما هو مقتضي العبارة و المسئلة المقابلة لها. و هو ينافي اتباع الخلع بالطلاق.

ثم قوله: «لاتيانه بما التمسته و زيادة»، فاسد ايضا. لانها طلبت الخلع الصحيح، فاذا بني علي انه لا يقع بالخلع الاّ مع الطلاق و قد فعل هو ايضا ذلك. فلم يأت بالزيادة، غايته انه اختار المركب و كان يحصل العوض[31] بالفرد الاخر بناء علي ان الخلع يحصل بكل من الامرين.

اقول: و لا يخفي ما فيه. اذ المراد من الموضوع في قولنا «الخلع طلاق» هو المفارقه الخاصة الجامعة للشرائط المخصوصة التي يسمي خلعا. و من المحمول هو الطلاق [بمعني] العام الذي هو مفهوم كلّي في مقابل الفسخ الذي لم يؤخذ في مفهومه كونه جامعا للشرائط المعهودة و لا عدمه. و خلافهم في ان الخلع المجرد، هل هو طلاق او فسخ، انما هو بعد تتميم شرائط الخلع من اختصاص الكراهة بالزوجة، و كون الفدية باختيار الزوج في مقدارها، و غير ذلك. و بعد جميع ذلك اختلفوا في انه طلاق او فسخ. فيستقيم الحكم بلزوم البذل و ان جعلنا الطلاق بعوض، اعم من الخلع ايضا. اذ هي طلبت الخلع الجامع للشرائط بقرنية المقام.

 

و الحاصل: ان طلب الزوجة الخلع الذي هو طلاق بالمعني العام المقابل للفسخ، لا يستلزم طلبها الطلاق الخاص المشترط بشروط الخلع من حيث ان اعتبار الشرائط داخل في مفهومه حتي يلزم ان يكون اداء الزوج لمطلوبها[32]، ايضا بعنوان الطلاق الخاص الماخوذ في مفهومه ذلك.

 

قوله: ثم قوله و اتبعه به زيادة منه.. الخ؛ اقول: و لعلّه اراد التنبيه علي غفلة المحقق عن الفرق بين القولين، اعني القول بكفاية صيغة الخلع مجردا عن الطلاق، و القول بلزوم ضم الطلاق حتي يتحقق حقيقة الخلع. و ان مجرد الطلاق بعوض في جواب طلب المرئة للخلع، ليس اجابة لملتمسها علي الاطلاق. بل لابد من التفصيل؛ فان قلنا بكفاية لفظ الخلع فقط، و قلنا انه طلاق، فالطلاق بعوض[33]، جواب لملتمسها. لكفاية الطلاق بعوض، عن الخلع. كما هو المشهور، بل لا خلاف فيه. فهو مع انه يفيد فائدة الخلع، له مرتبة اخري. لكون ذلك طلاقاً بالاتفاق (بخلاف لفظ الخلع فقط، فانه خلافي) فهو يفيد فائدة الخلع و شيئاً اخر.

و اما لو قلنا بان حقيقة الخلع لا يتحقق الاّ باتباعه بالطلاق،‌ فالطلاق بعوض و ان كان يفيد فائدة الخلع و كونه طلاقا، و لكن لفظ «خلعتك علي كذا و انت طالق» مشتمل علي مزيدة‌ ليست في الطلاق. اذ قد يكون منظور المرئة، التاكيد في امرها بان يصرح بلفظ الخلع ايضا و ان لم يتم الخلعية الا بانضمام الطلاق. فاذا اجابها بلفظ الخلع مع اتباعه بالطلاق، فاجاب ملتمسها. بخلاف ما لو افتقر علي الطلاق بعوض.

و يمكن بعيداً: ان يكون مراده ان المحقق ايضا اراد ذلك و اراد عن الطلاق بعوض، القدر المشترك بين القولين ليشمل الطلاق بعوض فقط، بناءً علي القول الاول. و لفظه «فهي طالق» بعد «خلعتها» بناء علي القول الثاني. و الاظهر هو الاحتمال الاول. و حاصله: ان خلافهم في كون الخلع طلاقا ام لا، انما هو في الخلع المجرد. و اما الخلع المنضم بالطلاق، فهو طلاق بلا خلاف. و اعتمادهم [به]، في الطلاقية. فاذا قلنا ان الطلاق بعوض، ينوب عن الخلع، فعلي القول بلزوم الانضمام، انما ينوب عن الخلعية المستفادة من المقيد بالقيد. لا علي نفس المقيد. فلابد في اجابة الملتمس (علي هذا القول) من ذكر الخلع متبعا بالطلاق. و اصالة عدم تداخل الاسباب يمنع من كون الطلاق بعوض، به. لا عن الخلعية و الطلاقية معا.

الموضع الثالث. ما ذكره في شرح كلام المحقق «لو خالعها و الاخلاق ملتئمة، لم يصح الخلع و لم يملك الفدية و لو طلّقها و الحال هذه بعوض»: فمقتضي كلام المصنف و الجماعة؛ كونه كذلك. لاشتراكها في المعني. بل عدّه في المبسوط خلعا صريحاً حيث قسّمه الي واقع بصريح الطلاق، و الي واقع بغيره. و جعل الاول طلاقاً رجعياً. و جعل الخلاف في الثاني هل هو طلاق ام لا. فهذا ان كان اجماعيا، فهو الحجة. و الاّ فلا يخل من اشكال. لانّ النصوص انما دلّت علي توقف الخلع علي الكراهة. و ظاهر حال الطلاق بعوض، انه مغاير له، و ان شاركه في بعض الاحكام. انتهي كلامه(ره)[34].

و قد قدّمنا الكلام في توجيه ما يوهمه من التنافي و احتمال غفلته. و ما نسب الي الاصحاب، بمناسبة ما سنذكره في المبارات، فلا نعيده. اذ نحن لا ندعي صحة‌ جميع ما ذكره(ره) و لا نتعدي لتصحيح كل ما ذكر. بل غرضنا تحقيق المسئلة و بيان موافقته لما نحن في صدده، في الجملة.

 

و منهم المحقق الاردبيلي(ره) و البيضاوي: فانه قال في كتاب «آيات الاحكام»: قال البيضاوي: و اعلم: ان ظاهر الاية يدل علي ان الخلع لا يجوز من غير كراهة و شقاق،‌ و لا بحميع ما ساق الزوج اليها فضلاً عن الزايد. و يؤيد ذلك قوله(ع) «ايّما المرئة سئلت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة»[35]. و ما روي انّه(ع) قال لجميلة: «اتردّين عليه حديقته، فقالت اردّها و ازيد عليها. و قال(ع): اما الزايد فلا»[36]. و الجمهور استكرهوه لكن نفذوه. فان المنع عن العقد لا يدل علي فساده. و انه يصح بلفظ المفاداة. فانه سمّاه افتداءً. و اختلفوا في انه اذا جري بغير لفظ الطلاق، فسخ او طلاق؟-؟ و من جعله فسخا احتجّ بقوله تعالي «فَإِنْ طَلَّقَها»[37] فان تعقيبه للخلع بعد ذكر الطلقتين يقتضي ان يكون طلقة رابعة لو كان الخلع طلاقا. و الاظهر انه طلاق. لانه فرق باختيار الزوج. فهو كالطلاق بعوض.

ثم قال المحقق الاردبيلي(ره): و فيه تأمل. لانها تدل علي ان الاخذ من المرئة لتخليص نفسها لا يجوز الاّ مع الخوف. لا عدم جواز العقد المثمر لذلك الاّ مع الكراهة. و ايضا معلومٌ عدم الجواز من غير شقاق. بل وقوعه ايضا في الخارج. انما كان عليه ان يبيّن دلالتها علي حصوله من الجانبين او المرئة فقط، او الرجل.

ثم اورد عليه بعدم صحة تاييد مطلبه بالخبرين. و كذا علي ساير مطالبه علي وجه وجيه، لا نطيل بذكره. الي ان قال: و ايضا كون الخلع طلاقا (كما قال: و الاظهر انه طلاق.. الخ»، غير ظاهر و دليله قياس في اللغة. و هو علي تقدير صحته، لا يصح في [الفقه]. الي اخر ما ذكره[38].

فاما دلالة كلام البيضاوي علي مغايرة الطلاق بعوض، للخلع، فظاهر. و اما دلالة كلام المحقق الاردبيلي(ره) فمن وجهين: الاول تقريره لما ذكره البيضاوي علي مغايرته، و انما اورد عليه بمنع المقايسة. و الثاني قوله «لا عدم جواز العقد المثمر لذلك الاّ مع الكراهة»، فانه يدل علي انه يجوّز تخليص المرئة نفسها بعقد يثمر ذلك بدون الكراهة. و لو كان علي وجه غير الخلع [فـ]بطريق الاولي.

 

و من العجب ان بعضهم نسب اليه(ره) ان كلامه يكشف عن انحصار اخذ عوض الطلاق من المرئة، في الخلع و المباراة. و كانه نظر الي قوله(ره) قبل ذلك حيث قال «ثم اعلم ان صريح الاية عدم جواز شيئ من مهورهن، بل جميع ما اُعطين من المهر و النفقه و العطايا، فدل علي لزوم الهبة للزوجة و عدم استرجاع الثياب التي اعطوها للكسوة و ان بقيت جيّداً و طُلّقن، الاّ‌ عوض الخلع. فتأمّل. ثم ان ظاهرها يقيّد جواز الاخذ لحصول خوف عدم اقامة الحدود من الجانبين. فيكون التباغض من الجانبين. و ليس ذلك بشرط في الخلع بل في المباراة الاّ‌ ان يحمل علي انه يخاف الزوج من انها لو خرجت عن موجبات الزوجية و الشرع، يخرجَ هو ايضا. و لكن ذلك ايضا غير شرط في الخلع عند الاصحاب، كما هو المذكور في محله. بل الشرط ظهور بغض الزوجة فقط؛‌ مثل ان تقول: لا اغتسل لك من جنابة، او: لادخلنّ علي فراشك من تكره. و امثاله. فيحمل [الاية] حينئذ علي المباراة لا الخلع» انتهي كلامه(ره).

و انت خبير بان كلماته التي نقلنا عنه في الرد علي البيضاوي، صريحة فيما ذكر، او كالتصريح. و لو سلّم ظهور ما نقلناه هنا فيما اراد، فلا يقاوم التصريح. مع انه لا ظهور فيه اصلا.

و اما الاستدلال بعموم الاية علي تحريم اخذ العوض عن الطلاق الاّ في الخلع، (كما صدر من بعض افاضل العصر و من تقدم عليه) فظنّي انه لايتم بيان ذلك. [فـ]انّ هنا دقيقة لم يسبقني اليها احد فيما اعلم. و هي انّ‌ اغلب استعمالات كلمة «الاخذ» مبنيّة علي التناول الابتد[ا]ئي الناشي [من] سبب دواعيه من الاخذ، كالغاصب و اهل السؤال و اهل الشرع في اخذ حقوق الله، او علي سبيل الغلبة و التسلط؛ مثل «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً»[39]، و مثل قوله تعالي: «وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبيناً- وَ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى‏ بَعْضُكُمْ إِلى‏ بَعْض‏»[40]. و الماخوذ في المعاملات علي وجه التراضي و طيب النفس، لا يسمّي اخذاً بهذا المعني. و لذلك يقال للاسير «الاخيذ». و كذلك للمرئة. و مما يناسب هذا الاستعمال [قوله تعالي:] «خُذُوهُ فَغُلُّوه»[41] و «أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتيلاً»[42] و «و لا تاخذه في الله لومة لائم» و «لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ»[43] اذ لو لم تعتبر الغلبة في مفهوم الاخذ لكان المناسب تقديم النوم علي السنة. لان الترقي في بيان عموم الغفلة انما يحصل بذلك. و قوله(ع) «علي اليد ما اخذت حتي تؤدّي»؛ [فيه] سرّ غريب. اذ فيه اشارة الي ان المراد ما اخذه مما لا يستحقه في نفس الامر و ان لم يكن عادية في ظاهر الحال في ضمن المعاملة الصحيحة ظاهراً.

و لو كان المراد [من] الاخذ في الاية التي نحن فيها، مطلق التناول و التعاطي، لما جاز اخذ المهر من الزوجة لو وهبته، او اَباحته[44] لزوجه. و قد قال الله تعالي: «فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنيئاً مَريئاً»[45]. و لا ريب ان كلامنا فيما لو طلّقها بعوض المهر لطيب انفسهما بدون كراهة من المرئة لزوجها، بل لغرض اخر اشرنا اليه سابقا، سيما لو كان العوض من مال الولي، كما اشرنا سابقا. فانه يصدق عليه انه طلاق بعوض، و يصح الاحتراز عنه في تعريف الخلع.



[1] و في النسخة: لابواب.

[2] من قوله «اقول:» الي هنا، كل ما تري «تكون»،‌ فهي في النسخة «يكون».

[3] و في النسخة: للذين.

[4] و في النسخة: لم يجز.

[5] و في النسخة: و ان واراد.

[6] و في النسخة: صيعة.

[7] الشرايع، كتاب الخلع، ج3، ص42 ط دارالتفسير.

[8] كذا في النسخة و لا بأس به. لكن يحتمل ان يكون؛ العقد المشروع.

[9] عبارة النسخة: و هذا الخلاف في بيان الضرورة.

[10] و في النسخة: فعلي.

[11] عبارة النسخة: كفاية الخلع المنقسم الي الطلاق.

[12] الشرايع (كتاب الخلع)، ج3 ص36 ط دارالتفسير.

[13] و في النسخة: او شبهه بها.

[14] و في النسخة: قبولها.

[15] و في النسخة: فقيل.

[16] المسالك، (كتاب الخلع) ج2 ص47 ط دارالهدي.

[17] كذا- والصحيح: فروعاً.

[18] الشرايع، (كتاب الخلع) ج3 ص36 و37.

[19] عبارة النسخة: قولنا للانسان حيوان لا كونها.

[20] و في النسخة: مشورطا.

[21] و في النسخة: و هو.

[22] نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الاسلام، ج2 ص126 ط جامعة المدرسين.

[23] تلوين السطرين، تذكرة للقارء الكريم بانّ هذا هو المقصود الغائي للمصنف(ره) من تدوين هذه الرسالة و تاسيسه. كما بيّنه في اول الرسالة. و لكنه قدس سره، ما ختم الكلام هنا و اتي بالمباحث الاتية، كما قال: و ستعرفه.

[24] و في النسخة: فيكيف.

[25] و في النسخة: يصير لغوا.

[26] اي الموضع الثاني مما تقدم بعنوان: فمن المواضع المذكورة.

[27] اي الشهيد الثاني(ره).

[28] و في النسخة: و الانفراد.

[29] الشرايع، كتاب الخلع، ج3 ص36 ط، دارالتفسير.

[30] المسالك، كتاب الخلع، ج2 ص48 ط، دارالهدي.

[31] و في النسخة: بالعرض.

[32] و في النسخة: لمطلوبه.

[33] عبارة النسخة: قال الطلاق بعوض.

[34] مسالك، (كتاب الخلع) ج2 ص54 ط دارالهدي.

[35] الوسائل، كتاب الخلع و المباراة، ب2 ح2.

[36] تفسير آلوسي ج2 ص141.

[37] الاية230 السورة البقرة.

[38] زبدة البيان في احكام القرآن، ص608 ط مكتبة الجعفرية.

[39] الاية 103 التوبه.

[40] الاية 20 و 21 النساء.

[41] الاية 30 الحاقة.

[42] الاية 61 الأحزاب.

[43] الاية 255 البقرة.

[44] عبارة النسخه: لو وهبه و اباحه لزوجه.

[45] الاية 4 السورة النساء.