كتاب الطلاق: هذه رسالة‌، في انفراد مسئلة الطلاق بعوض، عن الخلع. (8)

و الحاصل: ان الظاهر من الاية هو الاخذ الابتدائي من دون طيبة لنفس الزوجة. و ما تبذله في عوض الطلاق لاجل تخليص نفسها ليس بذلاً‌ من طيب النفس، بل دعاها اليه الجاؤها من جهة كراهتها له و خوف الوقوع في المعصية و اهلاك نفسها من الغصة و الحقد و اهلاك زوجها اياها خوفا من اهلاكها ايّاه. فغرض المحقق الاردبيلي(ره) ان الاية صريحة في عدم جواز اخذ المهر و غير المهر من غير طيبة نفس الزوجة الاّ في الخلع. لا ما انه لا يجوز الاخذ بوجه من الوجوه الاّ في الخلع.

و اعجب من ذلك العجب، ما ذكره بعض اخر حيث نسب اليه(ره) ذلك بملاحظة قوله «ثمّ ان تقييد جواز الاخذ لحصول خوف عدم اقامة الحدود» و سكت عن قوله «من الجانبين.. الخ». اذ من الواضح الجلي ان مراده ان الاية ظاهرة في المباراة، لا الخلع. و اين هذا مما رأيه[1].

و الحاصل: ان النهي عن الاخذ في الاية لا ينصرف الي حرمة الاخذ اذا وقع علي وجه معاملة صحيحة مبتنية علي التراضي. فالنهي في هذه الاية‌ من قبيل النهي في الاية ‌الاخري اعني قوله تعالي: «وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْج»[2] ناشياً‌ من عدم استيفاء‌ تمام الاستمتاع، فان ارادوا الرجوع الي بعضه لتقاصّ الحق ردّ الله تعالي توهمهم و ابطله بقوله: «وَ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى‏ بَعْضُكُمْ إِلى‏ بَعْضٍ»[3] و اتلفتم البضع بالافضاء.

 

و اما التقصير من جابنهنّ: فلذلك[4] يمكن ان يكون تجويز الاخذ من المختلعة لاجل اقدامها[5] بنفسها في اتلاف المدّة و الميل الي المفارقة، و لا تقصير للزوج في حقهنّ. و لذلك جوّز الاخذ منهنّ و ان لم يكن بطيبة نفسهن.

 

و لا يذهب عليك: ان مرادنا هنا من طيبة النفس، هو الشهوة و الموافقة للطبع، و الاّ فلا يصح اجبارها عليه و يكفي في ذلك ارادتها و ان كان بذل المهر منافراً لطبعها. و الفرق بين الشهوة و الارادة و النفرة و الكراهة، واضح.

 

فان قلت: نعم لا يدل الاية علي حرمة ما اخذ من باب الطلاق بعوض، في غير الخلع و المباراة. و لكن الصّحة تحتاج الي دليل و الاصل عدم الصّحة.

قلت: قد اشرنا الي بيان وجه الصحة و سنشير بعد ذلك ايضا.

بقي الكلام في: انّ [علي] ما ذكرتَه انما يصح الطلاق بعوض، المبتني علي طيبة النفس. فما تقول فيما لو حصل كراهة و لم تبلغ حد الكراهة المعتبرة في الخلع، او لم يعلم حقيقة الحال.

و يندفع ذلك بعدم القول بالفصل. اذ هؤلاء المنكرون لوجود الطلاق بعوض في غير الخلعين، لا يخصون الكلام بفرد خاص. بل ينكرونه مطلقا. و لو فرض شمول الاية، فهو معارض بشمول ادلّة ساير العقود عموماً و خصوصا، لما نحن فيه. و النسبة بينهما عموم من وجه، فما وجه ترجيح ظاهر الاية؟

 

و من عجيب ما وقع هنا، ما اتفق لصاحب الكفاية من الاضطراب و التساقط، حيث وافق الشيهد الثاني(ره) في بعض المواضع و [خالفه] في شرح النافع في بعض اخر. و لعله كان في بعض العنوانات الذي لم يوجد في شرح النافع، كان نظره الي المسالك و اختار مختاره. و فيما وجد من العنوان في شرح النافع تابعه غفلة عما اختاره اولاً. و قد وجه بالتبتع انه(ره) غالبا يوافق مختار صاحب المدارك و المحقق الاردبيلي(ره) و ان انفردا عن الاصحاب. و نحن نذكر مواضع كلماتهم المختلفة:

 

فقال[6] في اول كتاب الخلع و المبارات الشرعيان: «يفترقان في امور و يشتركان في كونهما[7] فرقة حاصلة بعوض. و الفرقة‌ الحاصلة بعوض، قد يكون بلفظ الخلع و المباراة فيلحقها احكامهما. و قد يكون بلفظ الطلاق فيلحقها احكامه»[8].

و الظاهر ان المراد باحكام الخلع و المباراة، انه متي تحققا فلا ينفك بالذات عن البينونة، بخلاف الطلاق فانه ينقسم بالذات الي البائن و غيره. و يشترطان بالذات و المهية بالفدية، مع اختلافهما في تعيين المقدار في المبارات و الخلع. بخلاف الطلاق. و يشترط فيهما[9] الكراهة من الزوجة او الزوجين، بخلاف الطلاق. فان الخلع مما وقع الخلاف في كونه طلاقا او فسخا، بخلاف الطلاق. و ان الطلاق مما يعدّ في الطلقات الثلاث اتفاقا، بخلاف الخلع فاختلف في اشتراطه باقتران الطلاق، بخلاف المباراة[10] فاتفقوا علي اشتراطه باقترانه بالطلاق. الي غير ذلك من الاحكام.

هذا اذا [ا]رجعنا ضمير «احكامه» الي الطلاق، لكنه اجنبي بالمقام. و اما اذا ارجعناه الي «الطلاق بعوض»- كما هو مناسب بالمقام- فلازم كلامه(ره) ايضا اختلافهما في الاحكام. نعم يشكل في الحكم الاول اذا قلنا بان الطلاق بعوض، ايضا يفيد البينونة؛ بمعني عدم صحة الرجوع مع حرمته. كما يظهر من الشهيد الثاني(ره). و اما علي ما سلّمناه من صحة الرجوع و ان حرم، فيختلفان ايضا. و بالجملة: كلامه كالصريح في مخالفة الطلاق بعوض و مغايرته في الاحكام مع الخلعين، و ليس المغايرة بمحض اللفظ.

 

و اما ما يقال: انه اراد بـ «احكامه» ما يعتبر في صيغة الطلاق، و غير ذلك مما ذُكر[11] في محلّه، فهو غير صريح في عدم ثبوت بعض احكام الخلع و المباراة فيه. كعدم حلّية الفدية الاّ مع الكراهة.

 

اقول: ما ذكر في كيفية الطلاق، فهو في احكام الطلاق من حيث هو طلاق بعوض. و الكلام في الصيغة هو مثل انه لا يصح بغير لفظ «طالق» من ساير الكنايات. و نظير هذا الحكم ايضا مذكور في الخلع. فكما ذكروا انه لا يجزي في الطلاق مثل «اعتدّي» و «حبلك علي غاربك»، فقد ذكروا انه في الخلع لا يجزي مثل «فاسختك» و «اَبنتك» فلم يحصل المغايرة بذلك. و ايضا ظاهر قوله «فيلحقها احكامهما» و «فيلحقها احكامه»[12]، المغايرة في الاحكام و المحتاج في التصريح [علي] مايتفقان فيه. و الحاصل ان مراده(ره) هنا، هو ما ذكره في المسالك.

ثم قال بعد ذلك: «و الظاهر انه يقع الخلع بقوله: انت طالق علي كذا. كما صرح به جماعة الاصحاب». و هذا الكلام ككلام غيره من الاصحاب، مشعر بمغايرة الطلاق بعوض،‌ للخلع. فانهم ذكروا انه يجزي عنه، لا انه هو. و كانه متردد في كونه خلعاً، فيحتمل كونه باطلاً، و اِن جامع شرائط الخلع.

ثم قال: و اذا وقع الطلاق مع الفدية، سواء كان بمجرد لفظ الخلع او اتبع بالطلاق، ام كان بلفظ الطلاق،‌ فانه يقع بائنا، للنصوص، قال الشهيد الثاني: «و اعلم: انه مع اشتراك الخلع و الطلاق بعوض، في هذا الحكم، يفترقان بان الخلع يختص بحالة كراهة الزوجة له خاصة. كما انفردت المباراة بكون الكراهة منهما و اشتراط كون العوض بقدر ما وصل اليها منه. بخلاف الطلاق بعوض، فانه لا يشترط فيه شيئ من ذلك فكان التعبير به مع افادته المقصود من الخلع اولي. خصوصا مع اشتباه حالهما في الكراهة او اختلافهما فيها. و هو متجه». انتهي كلامه(ره). و هو صريح في موافقته للشهيد الثاني(ره).

و اعلم: ان في قوله(ره): «للنصوص»، مسامحة، و تبع في ذلك للشهيد الثاني(ره) و جمع الشيهد الثاني بين الاستدلال بالنصوص و بين قوله «و وجهه وراء‌ النص انه معاوضة الي اخر» فمراده من الاستدلال بالنصوص انما هو للخلع،‌ و اكتفي في الطلاق بعوض، مما ذكره اخيراً من التمسك بعموم «اوفوا بالعقود» و غيره. و مثله في كلامهم كثير. و يمكن ان يكون مراده في الكفاية، التغليب، فاراد بالنصوص، اعم من النص الصريح و ظواهر العمومات. و لو نزلناه علي ان مراده موافقة للسيد محمد(ره) من اختصاص الطلاق بعوض بالخلع، فيزيد الاضطراب في كلامه، سيما مع اتصال هذا الكلام بما نقله عن المسالك بعده و استوجهه.

ثم قال بعد ذلك: «لو خالعها و الاخلاق ملتئمة، لم يصح و لم يملك الفدية، لا اعرف فيه خلافا. و لو طلّقها حينئذ بعوض، فالمشهور انه لا يملك العوض. و يدل عليه عموم الاية و الاخبار. [و] في الروضة و المسالك ان الطلاق بالعوض لا يعتبر فيه كراهة الزوجة، بخلاف الخلع. و هو غير جيّد. و ذكر بعض العلماء انه لا يعرف له موافق. و هل يقع الطلاق رجعياً علي هذا التقدير؟‌ قال الفاضلان نعم. و فيه اشكال لان الطلاق الرجعي غير مقصود و لا مدلول عليه باللفظ. و استجود بعض المتاخرين وقوع الطلاق باطلاً من اجله. و هو غير بعيد». انتهي كلامه(ره). و هذا صريح في متابعة السيد محمد(ره). و الظاهر ان مراده من بعض العلماء، هو. و كذلك من بعض المتاخرين.

ثم قال في المباراة، انه طلاق بعوض يترتب علي كراهة كل من الزوجين صاحبه. الي ان قال: و لو اقتصر علي قوله انت طالق بكذا، صح و كان مباراةً. كما صرح به جماعة من الاصحاب. اذ هي عبارة عن الطلاق بعوض مع منافاة بين الزوجين. اذ الطلاق بعوض ليس ايقاعا خارجا عن الخلع و المباراة. بل انما هو خلع او مباراة. فان قصد به الخلع مع اجتماع شروطه، وقع خلعا. و كذا لو قصد المباراة مع اجتماع شروطها. و ان اطلق وقع البينونة و يجوز انصرافه الي كل منهما عند[13] اجتماع شرائطها. و لو جمع شر[و]ط احدهما انصرف اليه. و ان انتفت شروط كل منهما؛ فان قصد به احدهما، فالظاهر انه يقع باطلاً. و ان لم يقصد به احدهما، فاستوجه في المسالك صحته لعموم الادلة علي جواز الطلاق مطلقا، و عدم وجود ما ينافي ذلك في خصوص البائن. و استشكله بعض المتاخّرين بانّ المستفاد من الادلّة الشرعية انحصار الابانة بالعوض في الخلع و المباراة و انما جوّزنا الطلاق بالعوض لصدق احدهما عليه، و لو لا ذلك لَامتنع الحكم بصحته. لانتفاء الدليل عليه رأساً». انتهي كلامه(ره). فهيهنا ايضا وافق السيد محمد(ره) مع نوع تردد. و قد ذكرنا ما عندنا من تحقيق المقام في هذا المرام. حيث ذكرنا غفلة الشهيد الثاني(ره). فلا [نعيده][14].

 

هذا غاية ما بلغه النظر القاصر في جميع اقوال العلماء القائلين بمغايرة الطلاق بعوض، مع الخلعين. و ذكر الادلّة علي هذا المقصد المهم، الغير المنقح في كلام اكثرهم.

و اما القائلون بالاتحاد: فقد عرفت ان اول من اقدم في هذا المضمار، هو الفاضل السيد محمد(ره) في شرح النافع. و قال: انه لا يتحقق الطلاق بعوض، الاّ مع كراهة الزوجة او الزوجين. و ان القول بتحققه بدونها من متفردات جده(ره)[15].

و قد نقلنا كلماته و ما فيها من الغفلة.

ثم بعده الفاضل الاصفهاني في شرح القواعد. حيث انه بعد ما ذكر عبارة العلاّمة في القواعد «و يقع بلفظ الطلاق و يكون بائنا مع ذكر الفدية و ان تجرد عن لفظ الخلع»، قال في جملة شرحها: فليس هذا نوعا من الطلاق و مغايرا للخلع لا يشترط فيه الكراهة، كما قيل. فان النصوص من الكتاب و السنة صريحة في النهي عن اخذ الفدية الاّ‌ ان يخافا ان لا يقيما حدود الله[16].

اقول: و لعله عرض بذلك الي الشهيد الثاني(ره)، و قد نقلنا كلماته. فان اراد في صورة قصد الطلاق[17] بعوض، الخلع، فهو مسلّم. و اما لو لم يقصده، ففيه منع ظاهر. كما عرفت و ستعرف.

قوله: «فان النصوص من الكتاب و السنة.. الخ»، فيه: ان غاية ما يستفاد من الكتاب و السنة انه اذا كانت المرئة كارهة للزوج بحيث يجب تخليص نفسها من يده و تفتدي نفسها بشيئ، كانّها مأسورة تخاف القتل فتفتدي نفسها بشيئ. فجواز الاخذ حينئذ علي سبيل الافتداء[18] لتخليص نفسها، موقوف علي ثبوت الخوف من اَلاّ يقيما حدود الله. و الحاصل ان جواز الاخذ منها من باب تخليصها من الشدة، انما يكون في صورة الخوف من عدم اقامة الحدود، لا انه لا يجوز مطلق المعاوضة. فقد يكون المرئة مُحبة لزوجها، بل يصعب عليها مفارقته، لكن الزوج يريد ان يسافرها الي بلاد الغربة و يصعب علي الزوج ايضا مفارقتها، لكن بسبب صعوبة الغربة عليها، او صعوبة مفارقتها عن[19] ابويها، ترضي بان تبذل مهرها و يطلّقها في عوضه. فليس في الايات و الاخبار من الدلالة علي اشتراط ذلك بخوف عدم اقامة الحدود، عين و لا اثر. و حينئذ يصح هذا الطلاق اِما لاندراجه في عموم «اوفوا بالعقود» لانه عهد موثق. او لانه هبة مشروطة بالعوض. او غير ذلك مما مرّ اليه الاشارة.

و هذا الوجه مما يستفاد من كلام المحقق الاردبيلي(ره) و قد نقلنا سابقا. و الظاهر ان نظره الي جعل قوله تعالي «فيمَا افْتَدَتْ بِهِ»[20] قيداً لمجموع الاية، يعني ان المنع من الاخذ منهنّ في صورة ارادة الافتداء و التخليص عن الشدة، لا يجوز الاّ في صورة الخوف من عدم اقامة حدود الله. فلا تعرض لحال المنع عن الاخذ في غير صورة الافتداء، و لا[21] منع عنه اذا حصل بسبب معاملة مثمرة لذلك.

و يرد عليه[22] حينئذ المنع عن ذلك، لان الاصل في العام، عدم التخصيص الاّ فيما ثبت. و المسلّم تخصيص العام بصورة الافتداء مع الخوف المذكور و هو الخلع. و يبقي الباقي تحت المنع.

فالاولي التمسك في موضع دلالة الاية، بما بينّاه سابقا في تحقيق معني الاخذ؛ من معلولات[23] الطلاق المرتبة عليه كما يتوهم من جهة عدم [ا]تمام مدّة الاستمتاع و غير ذلك الاّ‌ في صورة كراهة الزوجة و خوف عدم اقامة حدود الله. فانه يصح الاخذ فيه. بخلاف ما لو لم يكن من معلولاته المتاخرة عنها بالذات و بالقصد. كما بذل المرئة شيئاً و وهبه لزوجها بطيب نفسها من [دون] كراهتها للزوج، لفرض صحيح، كما مر. فان الطلاق حينئذ من نتائج البذل و معلولاته. فان الاصل في العقد [انّ] الايجاب و القبول، من توابعه و مترتباته.

لا يقال: ان الخلع ايضا كذلك. لان المرئة تبذل المهر لان يطلّقها، و تفتدي نفسها و تخلصها به.

لانّا نقول: مقصودنا من العلّة هنا هو الباعث علي الفعل، و العلّة الغائية. و الاّ فَلِمَ تبذل شيئا لزوجها. و الحاصل ان الكلام في الاية نظير الاية التي قدمناها سابقا من قوله تعالي «وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً»[24] الاية. فحاصل المراد هنا انه لا ياخذ شيئاً بسبب الطلاق من حيث انه طلاق و بعلّة انه طلاق، الاّ في الخلع بشرط الكراهة المعلومة او الخوف المعلوم.

فحاصل معني الاية (علي ما يظهر في النظر القاصر) انها في بيان حكم التطليقات الثلاثة المحتاجة الي المحلل. و ذكر الخلع جملة معترضة[25] وقعت في البين. قال الله تعالي «الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْريحٌ بِإِحْسانٍ»[26] يعني الطلاق الرجعي مرّتان سواء جعلنا الرجعي بمعني ما من شأنه الرجوع في العدة، او من شأنه جواز امساك الزوجة بعده؛ سواء كان بالرجوع في العدة او بتجديد العقد عليه. و اما الثالثة فبائن،‌ بمعني عدم جواز الرجوع عليها بشيئ من المعنيين. و ان كان بالذات ما من شأنه الرجوع في عدتها و منعه عن ذلك كونه ثالثة.

ثم قال تعالي «فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْريحٌ بِإِحْسانٍ»[27]. فالواجب علي الزوج بعد التطليقتين اِما اخذ الزوجة بالرجوع او بتجديد العقد و امساكها بالمعروف و ابقاء‌ حقوق الزوجية،‌ او تسريح باحسان اي بقائها علي حالها بدون اضرار اليها حتي تنقضي عدتها و تبين عنها. او تطليقها ثالثة (ان راجعها بعد التطليقتين باي من المعنيين) مع الاحسان و عدم الاضرار.

ثم قال تعالي (بعد ما ذكر حكم الخلع في البين): «فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ»[28] يعني فان طلّقها الزوج الذي طلّقها مرّتين، مرةً ثالثة (و اختار التسريح[29] بمعني اخذها و تطليقها) فلا يحل له تزويجها بعد ذلك الطلاق الثالث حتي تنكح الزوجة زوجاً غير الزوج الاول.

 

ثم قال تعالي «فَإِنْ طَلَّقَها»[30] اي الزوج الثاني المحلل «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقيما حُدُودَ اللَّه»[31] يعني لا اثم علي الزوجة و الزوج الاول، ان يتراجعا بان يعقدا عقداً جديداً بينهما[32]. و مفهوم الشرطية غير معتبر،‌ لمنافاته الادلّة الشرعية. او المراد من الظن العلم و الاعتقاد. او لمحض الارشاد و التاكيد في نفس المعاشرة و عدم الخروج عن الطاعة. و يحتمل تعميم الجناح المنفي، للكراهة ايضا فتصّح[33] الاستثناء. و يحتمل الحمل بالحرمة مع الظن بعدم الوفاء. و هو مشكل. و القول بالفساد اشكل منه. هذا اخر المراد من بيان حكم التطليقات الثلاثة.

 

و اما المعترضة المذكورة في اثنائه و هو قوله تعالي: «وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فيمَا افْتَدَتْ بِه»[34] و قد وقع بين قوله تعالي «أَوْ تَسْريحٌ بِإِحْسان»[35] و قوله تعالي «فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ»[36]. فوجه مناسبة ذكره، انه في بيان معني بعض معاني «التسريح باحسان». بل عمدة معانيه. حيث استفيد من الاية بالتبع، عموم لزوم الاحسان الي الزوجة و عدم الاضرار بها. و ان الامر بالامساك بالمعروف و التسريح بالاحسان، لا اختصاص له بالمطلّقة بالتطليقات الثلاث، و ان سيق الكلام لاجل حكمها[37] خاصه.

و كان مطالبة المهر من المطلقات، منافياً للاحسان و حراما، كما استفيد من اية ارادة استبدال الزوج مكان زوج، فقال تعالي «وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ»[38] الاية. يعني لا يجوز اخذ شيئ من مهورهن بعنوان الغلبة و عدم طيبة النفس (لا في صورة المعاملة الشرعية علي وجه المراضاة و طيب النفس) الاّ في صورة مخالفة الزوجين عن اقامة حدود الله، الي اخر الاية. فدل الاية علي جواز افتداء‌ امرئة نفسها بشيئ حين الكراهة و الخوف المذكور، فيشمل الاية صورة المباراة ايضا. بل دلالتها عليها اظهر.

و الخطاب في «لكم» و «تاخذوا» و «اتيتموهنّ» و «خفتم»، للحكام. و يحتمل الازواج ايضا في الجمع بارتكاب نوع من الالتفات من خطاب الازواج الي تثنية الزوجين بصيغة الغيبة في قوله تعالي «أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقيما»[39]. و يحتمل كون الخطاب في «خفتم» للحكام، في السابقات للازواج مع اعتبار الالتفات السابق. و امثال ذلك في القرآن العزيز، غير عزيز. و من جملتها اية التطهير حيث افحمت بين احكام الازواج.

هذا غاية ما ادّي اليه النظر القاصر في الاستدلال علي المختار من حلّية اخذ العوض في غير الخلعين ايضا، و تحقق مصداق الطلاق بعوض، غيرهما.

و اما ادلة القول الاخر[40]: فامور: الاول: الاصل و الاستصحاب. و هما لا يعارضان الدليل؛ و قد عرفت الدليل. و الثاني: قوله تعالي «وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا»[41] الاية. فدلّت الاية‌علي عدم جواز اخذ شيئ منهن في غير الخلع. و قد عرفت الجواب[42] عن ذلك ايضا. و الثالث: الاجماع المنقول في كتاب «كشف الحق و نهج الصدق» للعلاّمة(ره). فانه قال في مسائل الطلاق و توابعه: «ذهبت الامامية الي انه اذا كانت الاخلاق ملتئمة بين الزوجين و الحال عامرة، فبذلت له شيئا علي طلاقها، لم يحلّ له اخذه. و خالف ابو حنيفة و مالك و الشافعي، و قد خالفوا قوله تعالي و لا يحلّ لكم ان تأخذوا شيئا. الاية». انتهي.

وجه الدلالة: انه لم يذكر فيه شيئاً من مسائل الخلع بخصوصه اصلا. فدلّ علي ان الاميامة[43] مذهبهم عدم جواز اخذ شيئ في مقابل الطلاق في صورة تلائم الاخلاق.

 

اقول: و لعلّه(ره) اراد من نسبة الحلّية الي الثلاثة[44]، هو حلّية العوض في الخلع و ان كان العقد حراما بدون الكراهة. كما يشعر به عبارة البيضاوي المتقدمة حيث قال «ان ظاهر الاية تدل علي ان الخلع لا يجوز من غير كراهية، و ان الجمهور استكرهوه لكن نفذوه»[45]. و مراده من نسبة‌ عدم حلّية الاخذ (حين تلائم الاخلاق) الي الامامية، في صورة ارادة الخلعين من الطلاق. يعني ان الطلاق بقصد الخلع لا يجوز مع تلائم الاخلاق،‌ عند الامامية. و يشهد بذلك انّا تتبّعنا كلام الامامية،‌ فلم نقف الاّ علي ذلك. فلنذكر جملة من عباراتهم:

فمنها: العبارة المحكية عن الجامع ليحيي بن سعيد في الخلع (و النسخة مغلوطة) قال: و ان كان الزوجان- كانّه سقط مثل لفظ متلائمين[46]– و بذلت له علي خلعها، لم يصح الخلع و لم يملك العوض، و يقع طلقة رجعية ان كان تلفّظ بصريح الطلاق. و كذا لو اكرهها علي البذل، فان منع[47] حقها فبذلت له علي الخلع، وقع صحيحا و لم يكن منع الحق اكراهاً.

و منها: عبارة ابن البرّاج في المهذب. حيث استدل في الخلع باية «وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا»[48]. اذ[49] قسّمه الي محظور، و مباح. و قال: فالمحظور ان يعطّل المرئة بغير حق لتفتدي نفسها منه. و مثل ان يكون الحال بينهما عامرة و الاخلاق ملتئمة، و يتفقا علي الخلع، فتبذل له شيئاً علي طلاقها. و اما المباح؛ فان يخافا اَلاّ يقيما حدود الله؛ مثل ان تكره المرئة لزوجها ما لخلقته، او دينه، او ما جري مجري ذلك[50] مما في بينهما من كراهتها له. فاذا كان في نفسها شيئ من هذه الصفات، خيف اَلاّ يقيما[51] حدود الله مثل ان تكره الاجابة فيما حق له عليها، فيحلّ لها ان تفدي نفسها. بغير خلاف في ذلك، لقوله تعالي «فَإِنْ خِفْتُم»[52] الاية.

و منها: عبارة ابن ادريس، حيث قال‌ (بعد ذكر اشتراط الكراهة في الخلع): فاما اذا كانت الحال بين الزوجين عامرة و الاخلاق[53] ملتئمة و اتفقا علي الخلع فبذلت له شيئا علي طلاقها، لم يحل ذلك و كان محظوراً. لاجماع اصحابنا علي انه لا يجوز خلعها الا بعد ان يسمع منها ما لا يحل ذكره؛ من قولها لا اغتسل لك من جنابة، و لا اقيم لك حداً،‌ و لادخلنّ فراشك من تكرهه، او يعلم ذلك منها فعلا. و هذا مفقود هيهنا. فيجب ان لا يجوز الخلع. و ايضا قوله تعالي «وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ»[54] الاية. و هذا نص، فانه حرم الاخذ منها الا عند الخوف من عدم اقامة الحدود.

و منها: عبارة الشيخ في الخلاف في كتاب الخلع، قال: اذا كانت الحال بين الزوجين عامرة و الاخلاق ملتئمة و اتفقا علي الخلع، فبذلت له شيئا علي طلاقها، لم يحل ذلك و كان محظوراً.- ثم استدل عليه باجماع الفرقة و بقوله تعالي «وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ»[55] الاية، قال: و هذا نص، فانه حرم الاخذ منها الاّ عند الخوف من اقامة الحدود. و بقوله تعالي «وَ إِنْ خِفْتُم»[56] الاية. قال: فدل علي انه ان[57] ارتفع الخوف، حصل الجناح. انتهي كلامه(ره).

و لا يذهب عليك ان هنا مجالاً لان يقال: لعل مراد الشيخ و ابن ادريس و من تلفّظ بلفظ الخلع في قولهم «اذا اتفقا علي الخلع» نفس بذل شيئ عوض الطلاق. و الاّ فكيف يتفقان علي ما لا حقيقة له اصلاً. فهذا يدل علي بطلان غير الخلعين، و عدم حلّية الاخذ الاّ‌ من جهتهما.

و يدفعه: انه لا غرابة في الاتفاق علي الباطل سيما مع الجهل باصل المسئلة، مثل انّا نقول: اذا استاجر زيد بستان عمرو لثمرته، فلا يصح و لا يحل التصرف فيه. و ان كان يمكن حلّيته من جهة الصلح او غير ذلك.

و منها: عبارة المحقق و العلاّمة في كتبهما[58] و هي كثيرة لا حاجة الي ذكرها. و كلها مذكورة في صورة ارادة الخلع. و بملاحظة جميع ذلك يظهر ان مراد العلاّمة في «كشف الحق» ايضا هو ما ذكره الجماعة. فاين اجماع الامامية علي عدم حلية اخذ العوض من غير جهة الخلعين-؟ ا ليس هؤلاء عمدة اساطين الامامية؟ و لم نقف علي مصرح بالحرمة في غير الخلعين بدون الكراهة بمعني عدم الصحة و عدم الحلّية اذا سيق الصيغة في قالب الخلعين.

الرابع[59]: ان عبارات الاصحاب من المتقدمين و المتاخرين، في مقام ذكر اقسام الطلاق، خالية عن ذكر الطلاق بعوض، غير الخلعين. فانهم قسمّوه الي الرجعي و اقسام البائن. و عدّوا من جملة البائن و المبارات ما لم ترجع في البذل. و لم يذكر[60] احد منهم الطلاق بعوض. فهذا اجماع منهم بانه لا اصل له.

اقول: و هو كذلك. و لكنه عدم ذكره من جملة اقسام الطلاق، لا يدل علي عدم جواز جعل الطلاق عوضا في شيئ من العقود. كما مرت اليه الاشارة. و نحن نذكر اوضح تلك العبارات في مراد المستدل بهذه الطريقة، و نجيب عنها، و هو عبارة ابن ادريس، قال في السّرائر: «الطلاق علي ضربين: رجعي و بائن. فالبائن علي ضروب اربعة؛ طلاق غير المدخول بها، و طلاق من لم يبلغ المحيض، و [طلاق] من جاوزت خمسين سنة مع تغير عادتها، و كل طلاق في مقابلة بذل و عوض من المرئة و هو المسمي بالخلع و المباراة». ثم قال: «و اما الرجعي؛ فهو ان يطلّق المدخول بها واحدة و يدعها تعتد. و يجب عليه السكني لها و النفقة و الكسوة. و لا يحرم عليه النظر اليها و وطيها. و يحرم العقد علي اختها و علي خامسة». الي اخر ما ذكره[61].

اقول: و يرد عليه ان مراد ابن ادريس ان من جملة اقسام البائن، هو كل طلاق في مقابلته عوض في حد ذاته و مهيّته. و نحن نسلّم ان ذلك منحصر في الخلع و المباراة. و اما ما كان العوض بجعل الجاعل، فليس قسما برأسه من اقسام الطلاق، و هو يشمل جميع اقسام الطلاق. فان مرادنا [انه] يمكن ان يجعل كل واحد من اقسام الطلاق (التي تنوّعت بسبب اختلاف الفصول) في مقابل العوض، حتي الخلع و المباراة. و ثمرته صحة البذل و جواز اخذ العوض بسبب هذا العقد. و لا حاجة في ذلك الي التزام البينونة به، و ان كان يمكننا اثبات ذلك ايضا حتي في الطلاق الرجعي. كما بيّناه.

و ثمرة ذلك في الخلع و ان كانت خفيّة- لجواز زيادة العوض في مهيته الي ايّ قدر تراضيا عليه- و لكنها يظهر في المباراة في غاية الوضوح. لانه لا يجوز فيها اخذ ما زاد عن المهر، فلا عقد بينهما علي ان يباريها بعوض ليزيد في العوض؛ فتقول المرئة «بذلت لك الفاً علي ان تباريني و تطلّقني طلاق المباراة» و المفروض كون مهرها مأةً. ففائدة هذا العقد تملك الالف. و صيرورة هذا الطلاق بائناً يحصل من اصل المباراة. و تملك الالف انما يحصل بالطلاق بعوض.

و الحاصل: ان ذكر اقوال العلماء في هذا المضمار [و] التمسك[62]بانهم لم يذكروا في طي ذكر اقسام الطلاق [الطلاق] بعوض، لا جدوي فيه اصلا. و نحن[63] لا نقول بانه قسم علي حده من اقسام الطلاق، بل هو عقد مستقل وقع علي الطلاق، او قسم من اقسام العقود المتداولة؛ مثل الصلح و الهبة و غير ذلك. فليُتدبّر.

و مثل عبارة ابن ادريس في الظهور في مراد المستدل (بل اظهر منه) عبارة الشيخ احمد بن متوج البحراني تلميذ فخرالمحققين(ره)؛ فقد نقل عنه انه قال في كتاب آيات الاحكام: «و اما الطلاق بفدية، فهو ان تقول الزوجة للزوج «طلّقني علي كذا». فيقول هو علي الفور «فلانة علي كذا طالق». و هذا ان وقع في حال الكراهة منهما فلفظه لفظ طلاق الفدية، و معناه المباراة. فلا يحل له ان يتجاوز في الفدية قدر ما وصل اليها». انتهي.

فان هذا ظاهر في انحصار الطلاق بعوض في الخلعين.

اقول: و لعلّه اراد الطلاق بفديةٍ المذكور في القرآن، و لا ريب انه ينحصر فيهما. او انه ايضا اراد منه ما كان الفدية داخلة في مهيتها. كما ذكرناه في طي ذكر عبارة ابن ادريس.

و كذلك ما نقل عن كتاب «الحاوي» للشيخ منتجب الدين؛ حيث قال: اعلم: ان المدار في جواز الفراق بالفدية، علي كراهة الزوجة منفردةً او مجامعة. فان انفردت بها، جازت الزيادة علي المهر، و صح علي قول تجرد صيغة الخلع عن الطلاق، و سمّي خلعاً و ان لم يتلفّظ به. و ان كانت من الزوجين، لم يجز الزيادة و تعينت صيغة المباراة و سمّيت مباراةً و ان لم يتلفّظ بها. فلو طلّق بزايد علي المهر، وقعت البينونة و لم تلزم الزيادة. فان انفرد بها الزوج، او كانت الاخلاق ملتئمة، حرمت الفدية و كان الطلاق رجعياً.

اقول: الظاهر ان مراده من الفراق بالفدية، الذي يكون الفدية لازمة لمهيته، و هو منحصر فيهما.

الخامس: ان الطلاق من الامور التوفيقية التي لا يُهتدي اليها بالعقل و العرف و العادة، و قد شرعه المشارع و جعل له صيغة خاصة و شرائط مخصوصة و اقساما محصورة، فجعل منها رجعيا و بائنا، و من البائن ما كان بعوض مع شرط الكراهة منفردةً للزوجة، او مجامعة مع كراهة الزوج. و جعل لكل منها احكاما و فروعا و توابع مذكورة في محالّها، لا يهتدي اليها [الاّ] بالتوقف. فلا سبيل الي زيادة قسم اخر من جهة العقل او العرف، و لا من جهة ما ورد في الطلاق بعوض، لانحصاره في الخلعين. و لا من جهة ما ورد في مطلق الطلاق بعدم اعتبار العوض فيه، و لا التراضي به. و لا من جهة ما ورد في ساير العقود و الايقاعات. لانه ليس فيها ما يقتضي معرفة احكام الطلاق.

 

اقول: و نحن لا ننكر كون الطلاق من التوقيفيات، و لا انقسامه المعهودة، و لا اشتراطه بالشرائط المحضوصة. بل نقول ان هذا[64] الطلاق بعينه هو فرد من الطلاق، واحد من الاقسام المعهودة. [و] عدم اعتبار العوض[65] في مهية الطلاق، لا ينافي اعتبار العوض في بعض افراده. كما ان اعتبار العوض بالهبة المشروطة بالعوض، لا ينافي كونها هبة. فاذا وهبت[66] الزوجة شيئا لزوجها و شرطت عليه تطليقها بعوضه، فان كانت غير مدخولة (مثلاً) فهذا بعينه احد اقسام الطلاق البائن المعهودة، لا انه قسم اخر. و هكذا لو كانت مدخولة و ذات[67] الاقراء و لها غرض صحيح في التطليق (و ان لم يحصل البينونة معه و جاز له الرجوع) فهذا فرد من الرجعي. و هكذا مما اشرنا اليه سابقا.

 

فلو استاجر زيد دار عمرو بالف في مدة عشرين سنة و شرط عليه ان يبيعه فرسه بمأة نقداً،‌ فلا ريب في صحة هذا الشرط و صحة البيع. و ليس لاحد ان يقول بان اقسام البيع في الفقه محصورة مثل بيع النقد و النسيئة و السلف و المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية و لم يُذكر من جملتها البيع المشروط في ضمن عقد الاجارة. فان هذا بيع من جملة بيع النقد، و لا ضرورة الي عدّه قسما علي حدة.

 

و هكذا اعتبار التراضي هنا، ليس من جهة انه طلاق حتي ينافي عدم اعتبار التراضي فيه مطلقا من جهة انه تراض بجعله عوضا عما بذلته مثلا.

 

و اما ما ذكر انه لا سبيل اليه من جهة ساير العقود؛ فقد عرفت الوجه في افادة العقد السبيل الي ذلك مفصلا؛ اما من جهة العمومات العامة؛ كقوله تعالي «اوفوا بالعقود». او العمومات الخاصة؛ كالهبة و الصلح. او غيرهما. و لبّ الكلام في حد المقام، ان الخلع هو «فكّ النكاح عن الزوجة الكارهة لزوجها منفردة الي حد يخاف معه ترك حد من حدود الله، بفدية» فكانها اسير تفتدي نفسها بشيئ لتخليص نفسها. و لا ريب في وقوعه بلفظ «خلعتها» و «خالعتها علي كذا». مع اختلاف في اشتراط[68] تعقيبه بقوله «فهي طالق» و عدمه.

 

ثمّ: ان المشهور- بل اُدعي عليه الاجماع- انه لو قال في هذا المقام (مع الكراهة المذكورة) موقع لفظ الخلع، «انت طالق علي كذا» و قبلت المرئة، او سئلت هي الخلع علي فداء خاص فاجابها بـ «انت طالق علي كذا»، بان يستعير اللفظ الدال علي جعل الطلاق في عوض شيئ. يفيد فائدة الخلع و يكتفي به عنه.

 

ثم اختلفوا في ان ذلك المفهوم الذي يدلّ عليه لفظ «انت طالق علي كذا» اعني الطلاق بعوض، الذي استعير اللفظ الدال عليه للخلع، هل هو كلي لا مصداق له كشريك الباري، و انما وضع اللفظ لذلك المفهوم و استعمل في غير ما وضع له، بناءً علي عدم استلزام المجاز الحقيقة. او له حقيقة و لها احكام؟-؟ مقتضي كلام الفاضل السيد محمد(ره)و صريح جده، الاول[69]. بل هو المشهور عند الاصحاب كما عرفت. و هو اقوي عندي اَلان [و] ما [دمت][70] موافقا للسيد المذكور منذ اربعين سنة تخمينا.

و الاشكال انما هو في ان [الـ]طلاق [بـ]لفظ «انت طالق علي كذا» مع عدم كراهة الزوجة علي النهج المذكور، هل يقع صحيحاً و يحلّل اخذ العوض ام لا؟-؟ و هل يفيد البينونة كالخلع ام لا؟-؟ لا في ان هذا اللفظ مع اجتماع شرائط الخلع اذا اُطلق لافادة الخلع، هل يكفي ام لا؟-؟ فان الظاهر انه لا خلاف فيه (من غير من يقول بانه فسخ اذ جرّد عن الطلاق). و ان كان يمكن القدح فيه لولا الشهرة و نقل الاجماع في كلامهم.

و قد عرفت ان المختار في موضع الاشكال، هو الصحة. بل و حصول البينونة. علي وجه تقدم اليه الاشارة. بل نقول انه فرد من افراد مطلق الطلاق. و لا يلزم جعله مفهوماً ثانيا و حقيقة مغايرة له. و عدم اخذ العوض في مفهوم الطلاق، لا ينافي جواز اشتراط معه. كما في الهبة بشرط العوض. فلا يكون الطلاق بعوض، مفهوماً مغايراً لاصل الطلاق. فلزومه و حصول البينونة الذي هو معني اللزوم، اِما لاجل كونه من العهود الموثقة الداخلة في قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»[71] و ان لم نجعله[72] من العقود المصطلحة. او من عقود المعاوضات بين العباد المستفاد لزومها من عموم الاية ايضا. كما مرّ.

و اِما من جهة انه عوض بذل الزوجة، فيكون عوضا في الهبة. فيندرج مع ما مرّ في الهبة المعوضة ايضا. او من جهة انه جعل وجه المصالحة لصلح وقع بينهما علي ذلك، اذ هو مما[73] يجوز اخذ العوض عنه، فيجوز الصلح عليه. كما قرّر في محله. فيندرج مع ما مرّ تحت الصلح ايضا. او انه[74] اشتراط في ضمن عقد لازم [فصار] لازما[75]. فدخل مع ما مرّ‌ تحت قولهم(ع): «المومنون عند شروطهم». مضافا الي صدق الشرط بمعني الالزام و الالتزام عليه ايضا مع قطع النظر عن كونه في ضمن عقد لازم. فانا لم نقف الي الان، علي من منع جعل الطلاق عوضا في الهبة المعوضة. بل هو داخل في اطلاق الثواب المذكور في النص الصحيح. و لا علي من منع جعله وجه المصالحة. بل هو داخل في تلك العمومات. فانا قد رأيناهم يستدلون في لزوم الصدقة بانها هبة معوضة، لان المقصود منها الاجر في الاخرة،‌ بل هو اعظم افراده (و ان كان لي فيه كلام). فكيف لا يصح جعل الطلاق عوضا.

 

هذا اخر ما اردنا[76] ايراده في هذه الاوراق. و نسئل الله العفو عن التقصير في الاجتهاد و ارشاد سبيل الاستقامة و السداد، انه كريم جواد. و الصلوة علي محمد و آله الهادي الي الرشاد.

و قد فرغ عنه مؤلّفه الفقير الي الله الغني الدائم، ابن الحسن الجيلاني، ابوالقاسم نزيل دارالايمان قم صانها الله عن التصادم و التلاطم. في اواخر شهر الله الاعظم من شهور سنة اثنين و عشرين و مأتين بعد الالف،‌ حامداً مصلّياً مسلماً. و الحمد لله رب العالمين.

38- سؤال: شخصي زوجة حاملة مدخولة خود را در مجلس واحد در حضور عدول مومنين با ساير شروط طلاق، مطلّقه نموده. پس رجوع كرد بهمان كيفيت. پس طلاق داد. مجملاً: در طهر واحد و مجلس واحد، سه طلاق داد با تخلل دو رجعت در ما بين آن ها. آيا اين طلاق واقع است؟ و آن زن سه طلاقه است يا نه؟-؟

و در صورت وقاع[77] و احتياج به محلل، آيا نكاح مراهق، در تحليل كافي است يا نه؟-؟ و نكاح سفيه [كافي است] يا نه؟-؟

و تعدد مجلس يا وحدت او در اين حكم در صورت وحدت طهر، آيا فرقي دارند يا نه؟-؟

و تفريق طلقات بر اطهار با رجوع بدون وقاع، چه صورت دارد؟

بيان فرمائيد، كه اين مسئله ضرور شده و [ا]تفاق افتاده كه طلاق به صورت سابقه داده شده.

و اگر ملاحظة احتياط كند[78]، لازم مي آيد انفاق دائمي بر زوج و عدم تزويج زوجه-؟؟ و اين هر دو مستلزم عسر و حرج است.

 

جواب: بلي اين زن مطلّقه به سه طلاق است. و حلال نمي شود بر زوج الاّ بتحليل محلل. و مخالفي ظاهراً در مسئله نيست. بغير ابن عقيل كه شرط دانسته است در طلاق دويم وقاع را. هر چند اخبار بسيار دلالت بر مذهب او دارد و لكن مقاومت با ادله و اخبار مشهور، نمي كند. بسبب اعتضاد آن ها بعمومات كتاب و سنت و عمل اصحاب.

و فرقي ما بين وقوع طلاق در مجلس واحد و متعدد، و طهر واحد يا[79] تفريق طلقات بر اطهار، نيست.

و شرط است در محلل اين كه عقد كند به عقد دوام، بر وجه صحيح، و دخول در قٌبل به حدي كه غيبوبت حشفه به عمل آيد. و فرقي نيست ما بين اين كه محلل حرّ باشد يا عبد، و عاقل باشد يا مجنون. لكن در مجنون ملاحظة صحت عقد ولايت و صحت طلاق ولايت را هم بكند.

 

و اما صغير؛ پس آن محلل نمي توان[د] شد. و در مراهق (يعني كسي كه به سنّ بالغ نيست و لكن استعداد بلوغ از راه انزال يا انبات، داشته باشد مثل اين كه ده سال يا بيشتر داشته باشد) در آن خلاف است. و اظهر و اشهر، عدم اكتفاء به آن است. چنان كه روايت علي بن فضل الواسطي[80] دلالت بر آن دارد، و ضعف آن منجبر است به عمل اصحاب، و بعض مويدات ديگر هم دارد. بلي:‌ ظاهر اين است كه هر گاه عقد از براي مراهق بشود بر وجه صحيح و در حبالة او بماند تا بالغ شود و دخول كند و طلاق بگويد، كافي است هر چند نكاح در حال عدم بلوغ بوده.

و از حكم جنون، حكم سفيه به طريق اولي ظاهر مي شود. و ثمره در جنون و مراهق غالبا به موت حاصل مي شود. هر چند در مجنون طلاق وليّ را صحيح مي دانيم هر گاه مصلحت او در آن باشد.

 

و در باب احتياط (كه نوشته ايد لازم مي آيد انفاق دائمي بر زوجه و عدم تزوج زوجه) چرا ممكن نيست كه احتياط بر وجه صحيح-؟ طلاق جامع شرايطي بگويد، و او بعد از عده به ديگري شوهر كند. غاية امر اين است كه تعليقي منظور شود در طلاق؛ يعني چون طلاق نمي باشد مگر بزوجيت دائمة ثابت الزوجية، پس اين در معني اين است كه گويا مي گويد «ان كانت زوجتي فهي طالق». و ظاهر اين است كه اين هم در اين جا مضر نباشد.

 

39- سؤال: مطلّقة رجعيه؛ هر گاه بدون اذن شوهر، يا با منع شوهر، از خانه بيرون رود. آيا باعث سقوط نفقه است يا نه؟-؟ 

جواب: بلي. مطلقة رجعيه در حكم زوجه هست، و به سبب نشوز نفقة او ساقط
مي شود. و مادامي كه از نشوز رجوع نكرده است مستحق نفقه نيست.




[1] و لعلّه: مّما رأه.

[2] الاية 20 النساء.

[3] الاية 21 النساء.

[4] و في النسخة: فكذلك.

[5] عبارة النسخة: اقدامنا بنفسه في اتلاف المدة و.. .

[6] اي: قال صاحب الكفاية.. .

[7] و في النسخة: كونها.

[8] كفاية الاحكام، ج2 ص378.

[9] و في النسخة: فيه.

[10] عبارة النسخة: و بخلاف المباراة.. .

[11] و في النسخة: ذكره.

[12] عبارة النسخة: قوله ملحق بها حكمها و يلحق به حكمه.. .

[13] و في النسخة: عقد.

[14] و في النسخة: فلا يفيده.

[15] اي الشهيد الثاني، و السيد ابن بنته.

[16] كشف اللثام، ج8 ص200 ط جامعة المدرسين.

[17] و في النسخة: بالطلاق.

[18] و في النسخة: الاقتداء.

[19] و في النسخة: علي.

[20] الاية 229 السورة البقرة.

[21] و في النسخة: اولا… .

[22] اي: و يرد علي نظر المحقق الاردبيلي(ره).

[23] و في النسخة: معلومات.- و كذا تكرار هذا اللفظ في ما بعد.

[24] الاية 20 النساء.

[25] و في النسخة: معترفة.

[26] الاية 229 البقرة.

[27] الاية 229 البقرة.

[28] الاية 230 البقرة.

[29] و في النسخة: التصريح.

[30] الاية 230 البقرة.

[31] الاية 230 البقرة.

[32] و في النسخة: بنيتهما.

[33] و في النسخة: فتصبح.

[34] الاية 229 البقرة.

[35] الاية 229 البقرة.

[36] الاية 230 البقرة.

[37] و في النسخة: حكمهما.

[38] الاية 229 البقرة.

[39] الاية 229 البقرة.

[40] و في النسخة: الاخير.

[41] الاية 229 البقرة.

[42] و في النسخة: الجواز.

[43] عبارة النسخة: اصل عدل علي ان الامامية.

[44] اي المالك، ابو حنيفة و الشافعي.

[45] تفسير البيضاوي، ذيل الاية.

[46] و في النسخة: مثلاً يمين.- و هذا هو السقط في السقط!

[47] و في النسخة: منعت.

[48] الاية 229 البقرة.

[49] و في النسخة: الي.

[50] عبارة النسخة: ما لخلعته او دينه او ماجري فجري ذلك.

[51] عبارة النسخة: من هذه الصفة خافت اَلاّ يقيما.. .

[52] الاية 229 البقرة.

[53] و في النسخة: و الاخلال.

[54] الاية 229 البقرة.

[55] الاية 229 البقرة.

[56] الاية 35 النساء.

[57] و في النسخة: من ارتفع..

[58] و في النسخة: كتبها.

[59] اي الرابع من ادلة القول الاخر.

[60] و في النسخة: و لم يذكروا.

[61] السرائر، ج2 ص667 ط جامعة المدرسين.

[62] عبارة النسخة: في هذا المضمار و لا التمسك.. .

[63] و في النسخة: او نحن.

[64] و في النسخة: هذه.

[65] عبارة النسخة: واحد من الاقسام المعهودة بعدم اعتبار العوض.. .

[66] و في النسخة: وهبه.

[67] و في النسخة: ذوات.

[68] و في النسخة: اشتراطه.

[69] اي: هو كلي لا مصداق له.

[70] و في النسخة: ما كنت.. .

[71] الاية 1 المائدة.

[72] و في النسخة: يجعله.

[73] و في النسخة: فيما.

[74] و في النسخة: لانه.

[75] عبارة النسخة: في ضمن عقد لازم نصا و لازما.

[76] و في النسخة: اوردنا.

[77] مرادش «وقوع» است نه وقاع كه گاهي به مجامعت جنسي مرد و زن، اطلاق مي شود، همان طور كه در چند جمله بعدي خواهد آمد. و ممكن است در اصل «وقوع» بوده و در نسخه برداري اشتباه شده.

[78] يعني نظر به اين كه تحقق سه طلاق (مثلاً) مسلّم نيست، احتياطاً با او مقاربت نكند در عين حال او را مطلقه نداند.

[79] و در نسخه: با.

[80] الكافي، ط اسلامية، ج6 ص76 (باب الّتي لا تحلّ لزوجها حتّي تنكح زوجاً غيره).